سورة النساء - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


كل نفقة كانت لغير الله فهي أكل مالٍ بالباطل.
ويقال القبض إذا كان على غفلةٍ، والبذل إذا لم يكن بمشهد الحقيقة، فكل ذلك باطل، {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}: يعني بارتكاب الذنوب، ويقال تعريضها لمساخطته سبحانه. ويقال بنظركم إليها وملاحظتكم إياها.
ويقال باستحسانكم شيئاً منها بإيثارها دون رضاء الحق.
ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فإنَّا لا نُخليه من عقوبة شديدة، وهو أن نَكِلَها إلى صاحبها، ونلقي حبْلَها على غاربها.


الكبائر- على لسان العلم- هاهنا الشِّرْكُ بالله، وعلى بيان الإشارة أيضاً الشِّركُ الخَفِيّ. ومن جملة ذلك ملاحظة الخلق، واستحلاء قبولهم، والتودد إليهم، والإغماض على حق الله بسببهم.
ويقال إذا سلم العهد فما حصل من مجاوزة الحد فهو بعيد عن التكفير.
ويقال أكبر الكبائر إثباتك نَفْسَك فإذا شاهدت نَفْيَها تخلَّصْتَ من أسر المحن. {وَنُدْخِلْكُم} في أموركم {مُدْخَلاً كَرِيمًا} إدخالاً حسناً لا ترون منكم دخولكم ولا خروجكم وإنما ترون المُصَرِّفَ لكم.


لسان المعاملة أن الأمر بالتعني لا بالتمني، ولسان التوحيد أن الأمر بالحُكْم والقضاء لا بالإرادة والمنى. ويقال اسلكوا سبيل من تقدَّمكم في قيامكم بحق الله، ولا تتعرضوا لنَيْلِ ما خُصُّوا به من فضل الله. قوموا بحقِّ مولاكم ولا تقوموا بمتابعة هواكم واختيار مناكم.
ويقال لا تتمنوا مقام السادة دون أن تسلكوا سُبُلَهُم، وتلازموا سيرهم، وتعملوا عملهم.. فإن ذلك جَوْرٌ من الظن.
ويقال: كُن طالب حقوقه لا طالب نصيبك على أي وجه شئت: دنيا وآخرة (وإلاَّ) أشركت في توحيدك من حيث لم تشعر.
ويقال لا تتمنَّ مقامات الرجال فإنَّ لكل مقام أهلاً عند الله، وهم معدودون؛ فما لم يمت واحد منهم لا يورثَ مكانه غيرُه، قال تعالى: {جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ} [الأنعام: 165، وفاطر: 39] والخليفة من يخلف من تقدَّمه، فإذا تمنَّيْتَ مقام وليَّ من الأولياء فكأنَّكَ استعجلتَ وفاتَه؛ على الجملة تمنيت أو على التفصيل، وذلك غير مُسَلَّم.
ويقال خمودُك تحت جريان حكمه- على ما سبق به اختياره- أحظَى لكَ من تعرضك لوجود مناك، إذ قد يكون حتفك في مُنيتك.
ويقال مَنْ لم يؤدّب ظاهرهُ بفنون المعاملات، ولم يهذِّب باطنه بوجوه المنازلات فلا ينبغي أن يتصدَّى لنيل المواصلات، وهيهات هيهات متى يكون ذلك!
{وَسْئَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ}: الفرق بين التمني وبين السؤال من فضله من وجوه: يكون التمني للشيء مع غفلتك عن ربك؛ فتتمنى بقلبك وجود ذلك الشيء من غير توقعه من الله، فإذا سألت الله فلا محالة تذكره، والآخر أن السائل لا يرى استحقاق نفسه فيحْمِلُه صِدْقُ الإرادة على التملُّق والتضرع، والتمني يخلو عن هذه الجملة.
والآخر أن الله نهى عن تمني ما فضل الله به غيرك إذ معناه أن يسلب صاحبك ما أعطاه ويعطيك إياه، وأباح السؤال من فضله بأن يعطيك مثل ما أعطى صاحبك.
ويقال لا تتمنَّ العطاء وسَلْ الله أن يعطيك من فضله الرضا بِفَقْدِ العطاء وذلك أتمُّ من العطاء، فإنَّ التَّحرُّرَ من رقِّ الأشياء أتمُّ مِنْ تملُّكِها.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13